البحرين بحاجة إلى إصلاح، وليس إلى وعودٍ فارغة
عبد الهادي، له سنتان من العمر ويجري حاليا احتجازه مع والدته زينب الخواجة في سجن مدينة عيسى للنساء في البحرين. زينب هي إحدى المدافعات البارزات عن حقوق الإنسان في البحرين. تواجه ثلاث سنوات وشهر واحد في السجن بعدة تهم، من بينها "تخريب ممتلكات عامة"، وذلك لممارستها حقها في حرية التعبير عبر تمزيق صور (الملك) حمد بن عيسى آل خليفة.
رفضت إدارة السجن هذا الأسبوع السماح لعبد الهادي الصغير بمغادرة السجن لتتم رعايته بواسطة جده وجدته، وذلك بعد توعك والدته وعدم قدرتها على الاعتناء به. عندما ذهب زوج زينب إلى السجن لإحضار ابنه إلى المنزل قيل له بأن ذلك غير مسموح به، كما تم رفض دخول جدة الطفل إلى السجن لرعاية حفيدها. وفقا لخديجة الموسوي:
"لقد اتضح لي أن حفيدي عبد الهادي لم يعد مجرد مصاحب لزينب في السجن، وإنما أصبح هو الآخر سجيناً إذ لا يستطيع مغادرة السجن بغض النظر عن وضعه".
عندما زار وزير الخارجية الامريكي جون كيري البحرين في أبريل/نيسان، أكدت له السلطات البحرينية بأنها ستفرج عن زينب الخواجة لأسباب إنسانية. بعد مرور أكثر من شهر، في 9 مايو/أيار، كررت وزارة الخارجية ثانيةً بأنه سيتم الإفراج عن زينب الخواجة رعايةً لأطفالها. ولكن يبدو الآن أن إدارة السجن ليست ملزمة باحترام الالتزامات التي تعهدت بها وزارة الخارجية، وفيما يبدو أيضاً أن القاضي المسؤول عن القضية لم يقرر ما اذا كان ينبغي عليه أن يطلق سراحها.
لقد أخفقت السلطات البحرينية في تنفيذ وعودها للمجتمع الدولي بإدخال إصلاحات كما وأنها تجاهلت توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، التي ترأسها البروفيسور شريف بسيوني، وكانت قد أنشأت للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان في أعقاب احتجاجات عام 2011. كما بقت الوعود الأخيرة لوزير الخارجية كيري جوفاء بلا معنى.
في الأسابيع الأخيرة، توالت النخبة الحاكمة البحرينية على نفسها مهنئةً لبعضها ومحتفيةً بالانتهاء من "عملية الإصلاح". ولكن بدا لنا الآن معنى الإطلاح الحقيقي في البحرين جلياً. إنه يعني توطيد نظام تفشى فيه التعذيب، وحكم على المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين بالسجن لمدد طويلة، وفق قوانين صيغت بعبارات مبهمة وإجراء محاكمات ضدهم مبنية على أدلة من اعترافات منتزعة تحت وطأة التعذيب، وتعريض من يشاركون في احتجاجات سلمية بانتظام للسجن والضرب أو سوء المعاملة، دون اعتراض على المرتكبين أو إخضاعهم للمساءلة.
البحرين بلدٌ يكمَّمُ فيه الإعلام ويُحرَمُ فيه الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات بشكل روتيني.
ميشيل فورست، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان، قام مراراً بحثّ السلطات "على مراجعة القوانين والممارسات البحرينية لتكون متوافقة مع التزامات البحرين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والحق في عدم حرمانها تعسفاً من الحرية ".
كذلك الأمر بالنسبة لوالد زينب، المدافع عن حقوق الإنسان عبد الهادي الخواجة (الذي سُمي عبد الهادي الصغير تيمناً باسمه)، لا يزال يقضي حكما بالسجن لمدى الحياة بعد محاكمة جائرة لم يُسمح له خلالها بالاتصال بمحاميه إلا بشكل محدود كما أصرت المحكمة على رفض مداولة المزاعم الخطيرة وذات المصداقية بشأن ما تعرض له من تعذيب (والذي تم توثيقه أخيراً في تقرير لجنة تقصي الحقائق). وكان قد تعرض لضرب مبرح أثناء عملية اعتقاله مما تطلب الأمر إجراء عمليه جراحية مطولة في فكه دامت أربع ساعات. وطالما عبد الهادي الخواجة وغيره من المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل سعيد السماهيجي والدكتور علي العكري في السجن، يبقى الحديث عن الإصلاح في البحرين عديم المعنى أساساً.