اختطاف مدافع حقوقي يثير القلق ويهدد مصداقية الانتخابات المزمع عقدها
رسالة حقوقية مشتركة إلى رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد دبيبة والنائب العام الليبي صديق السور
في مساء 3 يونيو 2021، وفقًا لشهود محليين، تم اختطاف الصحفي والمدافع عن حقوق الإنسان منصور عاطي المغربي، من قِبل أفراد يستقلون ثلاثة سيارات (ماركة تويوتا) وسط مدينة أجدابيا (شرق ليبيا)، بالقرب من مقر لجنة الهلال الأحمر المحلية. لم تحمل السيارات علامات مميزة أو لوحات أرقام. ووفقًا للشهود، شوهدت السيارات في المرة الأخيرة عند البوابة الشرقية لأجدابيا. وفيما لم يتم التأكد بعد، تعزز ظروف اختطاف منصور واستمرار سيطرة القوات المسلحة العربية الليبية على أجدابيا من احتمالية أنه محتجز لدى أجهزة الأمن الداخلي في بنغازي.
في هذا السياق، تحثكم منظماتنا على اتخاذ إجراءات فورية للكشف عن مكان منصور، وتوضيح ما إذا كان معتقلًا بشكل قانوني، وفي هذه الحالة، لا بد من ضمان تواصله مع محاميه. فإذا لم تكن السلطات قادرة على إثبات احتجازه على خلفية ارتكابه جريمة مشروعة، يتعين على النائب العام الأمر الفوري بالإفراج عنه، والسماح له بإجراء فحص طبي للتحقق من عدم تعرضه لأي شكل من أشكال التعذيب أو سوء المعاملة أثناء الاحتجاز. هذا بالإضافة على ضرورة فتح تحقيق في واقعة اختطافه وإخفائه قسرًا، دون أمر قضائي من المدعي العام، ومحاسبة المسئولين الأمنيين المتورطين في جريمة الاختطاف. إذ يفترض أن تكون النيابة العامة في ليبيا قادرة على أداء دورها في مراقبة أماكن الاحتجاز والإشراف على الإجراءات القضائية في جميع أنحاء البلاد دون تدخل من المؤسسة الأمنية.
إن اختفاء الصحفي والمدافع منصور عاطي المغربي هو أمر مروّع، خاصة قبل 6 أشهر من الانتخابات المزمعة. إذ تدفعنا ظروف الاختفاء للاعتقاد بأن استهدافه جاء بسبب عمله السلمي في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان. ويتعارض هذا التطور المثير للقلق مع التزامات السلطات الليبية في إطار خارطة الطريق التي انتهى إليها ملتقى الحوار السياسي الليبي والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان الملحقة بها.
إن ضمان الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات يمثّل أمرًا حاسمًا لضمان شرعية ومصداقية انتخابات 2021. ويتعين على السلطات الليبية والأطراف الدولية المعنية توفير الحماية للمجتمع المدني المستقل في ليبيا، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء السلطة القضائية والصحفيين.
الموقعون:
- منظمة مدافعي الخط الأمامي
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- ائتلاف المنصة الليبية1
خلفية
منصور عاطي المغربي (34 عامًا)، هو مدافع عن حقوق الإنسان وصحفي ومدوّن ورئيس لجنة الهلال الأحمر ومفوضية المجتمع المدني في أجدابيا. وهو أيضًا منتج المسلسل التليفزيوني الساخر »شط الحرية« الذي يتناول الحياة اليومية في ليبيا.
قبيل اختفائه قسريًا، عقد المدافع الحقوقي مؤتمرًا في 31 مايو في أجدابيا؛ بهدف رفع الوعي وتعبئة المواطنين للمشاركة في الانتخابات المقبلة المقرر عقدها في 24 ديسمبر 2021. وفي 26 مايو، شارك في لجنة مشتركة، شكّلتها مفوضية المجتمع المدني والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات؛ للتحضير لمراقبة منظمات المجتمع المدني للانتخابات.
تعرض منصور بشكل متكرر للمضايقات والاستدعاء من جهاز الأمن الداخلي في شرق البلاد؛ بسبب عمله في المجتمع المدني. في 7 أبريل، داهم جهاز الأمن الداخلي في أجدابيا فعالية كان يحاول تنظيمها بشأن الانتخابات، وتم اعتقاله واستجوابه لساعات قبل إطلاق سراحه. وضمت الفعالية الشباب من منطقة »الهلال النفطي« في الشرق؛ لمناقشة أهمية الإسراع في تنظيم الانتخابات، وضمان المشاركة الواسعة للمواطنين، والمراقبة الفعّالة من المجتمع المدني. في 13 فبراير 2021 و 24 ديسمبر 2020 ، تم استدعاؤه للاستجواب من قبل نفس الأجهزة بسبب عمله مع المجتمع المدني، حيث اتهم بأنه "شخص خطير" يروج "لأجندات خارجية".
السياق
يتواصل تعرض النشطاء والمدافعون عن حقوق الإنسان للمضايقات والتهديد والترهيب من جانب المجموعات المسلحة التابعة للدولة، والتي تصل في بعض الحالات للتعذيب والاختطاف والقتل؛ الأمر الذي يفرض مناخًا من الخوف والإفلات من العقاب.
في 20 أكتوبر 2020، اختطفت »كتيبة ثوار طرابلس« رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الوفاق الوطني محمد بعيو وبصحبته ولديه في طرابلس، وفي وقت لاحق تم إطلاق سراحه. وفي 10 نوفمبر 2020، اغتال مسلحون المحامية والناشطة السياسية حنان البرعصي في وسط بنغازي، وذلك بعد يوم واحد من انتقادها، على مواقع التواصل الاجتماعي، لشخصيات عسكرية وثيقة الصلة باللواء خليفة حفتر والقوات المسلحة العربية الليبية.
لاحقًا، تم القبض على أبنائها، حنان وأيمن العبدلي، للاشتباه في مشاركتهما في مقتل محمود الورفلي، القائد في القوات المسلحة الليبية العربية، والمطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية لمسئوليته عن ارتكاب جرائم حرب. وكانت حنان قد اختفت فقط بعد ساعات من مشاركتها بثًا مباشرًا على الإنترنت ذكرت فيه أسماء أشخاص تعتقد مسئوليتهم عن مقتل والدتها.
وفي 2 ديسمبر، تعرضت خديجة عنديدي، الناشطة والمدافعة عن حقوق الإنسان ومنسقة حركة »لا تمييز« في أوباري، لمحاولة اغتيال بعدما انتقدت على الإنترنت، اقتحام لواء طارق بن زياد لأحد أحياء أوباري –وهي مجموعة مسلحة تابعة للقوات المسلحة الليبية العربية. وفي 25 ديسمبر 2020، اعُتقل المدافع الحقوقي محمد رضوان في تاورغاء، ونُقل لمصراتة دون إبلاغه سبب اعتقاله، وتم إطلاق سراحه في اليوم التالي. وفي 11 مارس 2021، اختفى الناشط زكريا الزاوي في بنغازي، بينما اختطف رجال مسلحون المدافع الحقوقي جمال محمد عدس في 27 مارس 2021في طرابلس.
تورطت أجهزة الأمن الداخلي التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية في عدد من الاعتقالات غير القانونية وحالات الإخفاء. في 5 نوفمبر 2020، في أجدابيا، اعتُقل المصور الصحفي صلاح منبه الزوي تعسفيًا، وتم الإفراج عنه في وقت لاحق، بناء على اتهامات غامضة وغير مؤكدة بدعم الإرهاب. واستندت الاتهامات للقانون رقم 3 لعام 2014 بشأن مكافحة الإرهاب، الذي يستخدم تعريفًا فضفاضًا للعمل الإرهابي. وفي مايو 2020، أصدرت محكمة عسكرية في بنغازي حكمًا بالسجن 15 عامًا على الصحفي إسماعيل الزوي بتهم إرهابية مماثلة، بعد اعتقاله من الأجهزة نفسها.
وفي 30 يوليو 2020، اختطفت أجهزة الأمن الداخلي التابعة للقوات المسلحة الليبية 3 أشخاص، بينهم مدير مستشفى بن جواد، بعد اقتحام منازلهم. وفي 11 مارس 2020، اختطفت مجموعة مسلحة، يُعتقد أنها وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للقوات المسلحة الليبية، مهندسًا من مقر عمله، ونُقل إلى جهاز الأمن الداخلي في بنغازي حيث تعرض للتعذيب، ولا يزال مكانه الحالي مجهولًا.
أدى العنف والترهيب المرتكب من تلك المجموعات المسلحة إلى عجز القضاء الوطني عن تأدية مهامه. فخلال الفترة بين 2015 و2020، وثّق ائتلاف المنصة الليبية 7 اعتداءات شبه عسكرية على مكاتب النيابة العامة والمحاكم الليبية. وفي الفترة ذاتها، تم اختطاف ما لا يقل عن 10 موظفين في السلطة القضائية، وإخضاعهم لمعاملة غير إنسانية على خلفية عملهم على قضايا جنائية، وتعرض 3 قضاة للقتل، بينما نجا قاض من محاولة اغتيال. وفي 26 نوفمبر 2020، اختطف القاضي محمد بن عمر من منزله في مدينة القره بوللي، ولا يزال مكانه مجهولًا حتى الآن.
تتصاعد الاعتقالات التعسفية المستمرة والتهديدات الجسدية من الجماعات المسلحة التابعة للدولة بسبب استمرار القيود على الحريات العامة الأساسية والفضاء المدني. كما تواصل ليبيا تطبيق القوانين والمراسيم التنفيذية التي تنتهك على نطاق واسع حريات التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي، مثل القانون رقم 3 لعام 2014 بشأن مكافحة الإرهاب، وقانون عام 2001 بشأن إعادة تنظيم الجمعيات المدنية، والقانون رقم 65 لعام 2012 الذي يقيد الحق في التجمع السلمي، وقانون المطبوعات لعام 1972.
في السياق نفسه، استغلت السلطات التنفيذية وسلطات الأمر الواقع الفراغ السياسي والدستوري؛ لإصدار مراسيم وقرارات تنفيذية بالمخالفة للقانون؛ لفرض المزيد من القيود على ممارسة الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. على سبيل المثال، المرسوم 286 الصادر عن المجلس الرئاسي في نوفمبر 2019، والمرسومين 1 و2 الصادرين عن مفوضية المجتمع المدني في بنغازي في 2016، وكلاهما ينظم عمل المجتمع المدني. هذه السلطات التنفيذية وحدها، وفي غياب أي رقابة قضائية، منحت نفسها سلطة ترخيص وحل أو تعليق أنشطة منظمات المجتمع المدني، وإصدار تصاريح للمظاهرات والتجمعات، وكذا إصدار تصاريح للصحفيين، سواء المحليين أو العاملين لدى الصحف الدولية، لممارسة مهنتهم. في 14 أكتوبر 2020، أصدرت مفوضية المجتمع المدني في طرابلس تعميمًا تُطالب فيه كافة منظمات المجتمع المدني، التي سجلت خلال السنوات الخمس السابقة، بإعادة التسجيل مجددًا؛ وإلا ستكون عرضة لإصدار قرار بحلها. وعند إعادة التسجيل، تتم مطالبة المنظمات بالتوقيع على تعهد بعدم التواصل مع أي منظمة دولية دون الحصول على تصريح مسبق.
1 ائتلاف المنصة الليبية هو تحالف ليبي في مجال حقوق الإنسان، تأسس عام 2016 ويضم 14 منظمة حقوقية.